في فكر الإمام الهادي ﻳﺤﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴين ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم
تأليف / حمدي محمد صغير الرازحي
ﺗﻌﺘبر ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻹﻣﺎم اﻟﻬﺎدي إلى اﻟﺤﻖ ﻳﺤﻲ ﺑﻦ اﻟﺤﺴين ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم (٢٤٥هـ -٢٩٨هـ) ﻣـﻦ أﺑـﺮز اﻟﺸﺨـﺼﻴﺎت المـﺆﺛﺮة واﻟﻔﺎﻋﻠﺔ في اﻟﺘﺎريخ اﻹﺳﻼﻣﻲ في ﻣﺨﺘﻠﻒ المجاﻻت اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ، اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺜﻮرﻳﺔ واﻻﺟﺘماﻋﻴﺔ، بما ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑـﻪ ﻣـﻦ إﻣﻜﺎﻧﺎت ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ اﺳﺘﻘﺎﻫﺎ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻟﺨﻄـﺎب اﻟﻘـﺮآني ﻛﺈﻃﺎر ﻣﺮﺟﻌﻲ، وﻣﻮﺟﻪَُّ ﺳﻠﻮكي، اﺳﺘﻄﺎع ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ أن ﻳﺤﻘـﻖ ﺣﻀﻮره اﻟﻔﺎﻋﻞ في واﻗﻊ اﻷﻣـﺔ وأن ﻳﺆﺳـﺲ لمنظومة ﻓﻜﺮﻳـﺔ راﺋﺪة في واﻗﻊ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ في ﺗﻠﻚ المرﺣﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ بمثاﺑﺔ اﻟﻨﻮاة اﻷولى ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻣﺪرﺳـﺔ ﻓﻜﺮﻳـﺔ ﺗﺠـﺎوزت ﺑﺄﻃﺮوﺣﺎتها المعرﻓﻴﺔ اﻟﺤﺪود اﻟﻀﻴﻘﺔ اﻟﺘـﻲ ﺗـﺆﻃﺮ اﻟـﺮؤى واﻷﻓﻜـﺎر اﻟﺘـﻲ ﺗﻌﻴﺶ في ﻇﻼﻟﻬﺎ المذاﻫﺐ اﻟﻔﻜﺮﻳـﺔ اﻷﺧـﺮى، وﻫـﻲ مدرسة تميزت ﺑﻌﺎلمية ﻣﻘﺎﺻﺪﻫﺎ المستقاة ﻣﻦ وﺣﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ اﻟﻘﺮآﻧﻴـﺔ اﻟﺨﺎﻟﺪة، وﺗﺤﺮرﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﻴﻮد اﻟﺰﻣﺎن والمكان لما ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑـﻪ ﻣـﻦ ﻣﺮوﻧﺔ وﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﻋلى اﻟﺘﺠﺪد واﻟﺘﻄﻮر، ولما ﺘﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ واﻟﺼﻤﻮد أﻣﺎم المتغيرات اﻟﺘﻲ ﻋـﺼﻔﺖ وﺗﻌـﺼﻒ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣـﻦ المفاهيم والمعارف واﻷﻓﻜـﺎر، وﻟﻬـﺬا ﺗﺠـﺎوزت بمفاهيمها وأﻃﺮوﺣﺎﺗﻬــﺎ ورؤاﻫــﺎ المتنيرة ﻋﺘﺒــﺎت اﻟﻘــﺮن اﻟﺜﺎﻟــﺚ اﻟﻬﺠــﺮي إلى ﺗﺨــﻮم اﻟﻘــﺮن اﻟﺮاﺑــﻊ ﻋــشر اﻟﻬﺠــﺮي ﻛﻤﺮﺟﻌﻴﺔ ﻓﻜﺮﻳﺔ وﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ لعلماء ﻛـﻞ ﻋـصر في إﻃـﺎر المذهب اﻟﺰﻳﺪي وﻏيره ﻣﻦ المذاهب اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻷﺧﺮى.